تخطى إلى المحتوى

طاشكند تحتفل بمرور ٢٢٠٠ عام على تأسيسها

أكتوبر 27, 2009

هذا مقال للأستاذ عابد قاري محمد جان نشر في مجلة إقرأ بتاريخ 2/7/2009

طاشــــقند تحتفل بالذكــرى الســنوية بمرور2200
سـنة لتأسـيسها ولكونها واحدة من أفضـل عواصـم العـالـم

:عابد قاري محمد جان

تجرى حاليا في العاصمة الأوزبكية طاشقند الأعمال التحضيرية لتنظيم مؤتمرا دوليا في شهر سـبتمبرالقـادم 2009م للاحتفـال بالذكـرى السنوية بمرور(2200) سـنة لتأسـيس مدينة طاشـقند

و يعتبر القرارالصادرعن الدورة الـ 34 للمؤتمرالعام للـيونيسـكو في شهر نوفمبر 2007 حـول الاحتفال بالذكرى السنوية بمرور (2200) عام لتأسيس مدينة طاشقند ومشاركتها في هذا الاحتفال – دليلا واضحا يشهد على الاعتراف الدولي لهذه المدينة وما تحتويه من معالم تاريخيـة وحضــارية وثقـافيـــة

:معلومــات عن طاشـــقند

تقع مدينة طاشقند في الشمال الشرقي من جمهورية أوزبكستان بآسيا الوسطى – غرب اقليم فرغـانة ، و على وادي نهر تشرتشك احدى روافد نهـر سـرداريا ” سـيحـون ” النهر الذي ينبع من الجنة. وهي قريبة من حـدود كازاخسـتان. وعدد سـكانها أكثر من ( 2,8 ) مليون نسـمة. وتبلغ مســاحتها (320) كم2
ويتكلم أهلها اللغـة الأوزبكية وتعرف بالسـعودية ” البخـارية ” وهي اللغة التركية القديمة ودخـلت فيها كلمـات من اللغــة العـربيـة لتأثــرهـا العميــق بالاســـلام. وكانت تكتب بالحـروف العربيـة، والآن تكتب بالحروف اللاتينية. وكما يتكلمون اللغة الروسـية الى جانب لغتهم
وطاشـقنـد احـدى الولايـات أو المحـافظـات( 12) التي تتكون منها أوزبكسـتان. وتوجـد فيها (17) قـرية وضاحية منها: آنغرين , آخنغران , بيك أباد , ألماق , تشيرتشيق , ينغي أباد و ينغي يول

خارطة لولاية طاشكند

:تســـمية طاشــقندعرفت طاشقند قديما باسم ” الشاش” باللغة العربية أو” تشاتش” بالفارسية. وعرفت في المصادر العربية ما بين القرنين التاسع والعاشر تحت اسـم آخــر هــو
بنكات أو بينكينت. وفي نهاية القرن العاشر الميلاديى و للمرة الأولى وردت التسـمية التركية ” طاشـقند ” في كتاب المـــؤرخ أبو ريحـــان البيــروني وحــــلت محــل الأســــــماء الأخــرى
وقد ورد أنه انعكست الترجمة الصينية للتسمية ” شاش” مثل ” جي- شي ” و” شي” بمعنى ” حجر” في التسمية التركية لمدينة ” طاشقند” أو ” طاشكنت ” كما يطلق عليها الأوزبك ومعناها ” المدينة الحجرية “. وطاشـقنـد هي مركبة من كلمتيـن ” طاش” ومعنـاه حجــر و” قنـد ” أي عسل قصب السـكـر أو سـكر النبات، والأصـح أن تنطـق الكلمـة الثانيـة بـ ” كـنت ” أي القلعة أو المدينـة ليصبح معناها المدينة الحجرية
والتسـمية ليس لها معنى مباشر لأن المدينة لم تكن حجـرية ، وربما تكـون صـفة لسـكانها لما يبدوه من شـجاعة وصـمود في حروبهم مـع الأعـداء
وهناك احتمــال للتسـمية ” طاشـقند ” اشـارة الى ثرآء جبالها بالأحجـار الكريمـة مثل الفيـروز
وقد ذكــر ياقـوت الحمـوي في معجــم البـلـدان – الشــاش/ طاشـقند بقــــــوله
” الشــاش خــــرج منـها العلمــــاء ونســـب اليـها خلـــــق مـن الــــــرواة والفصــــــحاء ”
وقد أطـلــق المؤرخـون على طاشقند لقــب ” بـوابــة الشــــرق ” وكذلك ” بلـــد الألــف مدينــــــة ” و يســــميها المعاصـــرون” نجـــــمة الشــــــرق ” . و كما يطلق عليها لقــب “ســفيرة السـلام” و تتـوافـق هــذه التســـميات مع جـوهــر المدينـــة

:علمـــاء طاشــقند
لقد أهدت ( طاشقند / الشاش) العالـم الاسـلامي كوكـبة من العلمـاء خلدت أسـماؤهم في التـاريـخ الاســـلامي نذكر منــهم :-
– الامام ابوبكرمحمد بن علي بن اسماعيل القفال الشاشي: وكان يلقبونه بـ”حضرة الامـام” ويطلق عليه الأوزبك ” حسـت امام ”
ولد في الشاش/ طاشقند عام291هـ/904م وتوفي عام366هـ/976م. كان عالما في العلوم الاسـلامية ، وتفـقه على المذهـب الشـافعي ونشـره في وطنـه . من مـؤلفــاته : ” دلائــل النبــوة
، ” محـاســن الشــريعة ” ، ” جـوامـع الكـلـم” ، ” الـفـتـــــــاوي ” و ” شــرح الرسـالة
– الامام أبو سعيدالحافظ الهيثم بن كليب الشاشي: ولد في بنكاس قرب الشاش وتوفي عام335هـ/946م. من أشهر العلماء في رواية الأحاديث الشريفة, ولقب بـ ” الامام الشاشي” ومن مـؤلفـاتـه : ” المســند” و” المســند الكبيــر” في الحــديث

-أبو يعقوب اسحاق بن ابراهيم الخرساني الشاشي: فقيه حنفي انتقل من الشاش الى مصر وتوفي بها (325هـ/937م) ومن مؤلفاته ” أصول الفقه ” ويعرف بأصول الشاشي

: نبـذة تاريخيــة عن طاشـقند

طاشقند احدى أقدم وأجمل المدن في آسيا الوسطى ، فهي مدينة عريـقة تحمل عبق الماضي التليـد من خلال معالمها التاريخية ومتاحفها التي تحتضنها. وكانت مركزا حيويا للتجارة العالمية منذ القدم ، و ملتقى طريق التجـارة الى الصـين” قوافل الحــرير ” المشـهور. وهي بمـثابة حلقـة وصــل بين الشـــرق والغـــرب، وتحقق فيها تبــادل الثقــافـات العــالـميـة حيث امتزجت فيها الحضارات الصينية والفارسـية والعربيـة والأوروبيـة. ولذا تعـد طاشقند احـدى مراكــز الحضـارات العالميـة العريقـة التي أسهمت اسهاما كبيرا في تطوير الحضـارة الانسانية عـبر آلاف الســـنين.
و تثبت جـذورها العميـقة في التاريـخ وجـود عديـد من الآثار والمعـالم التاريخية والمعمارية في المدينة ، والكميات الهائلة من المخطوطات القديمة المحفوظة لديها في خزائن مكتبـاتها
و قد قـام علمـاء الآثـار بتسـجيل (240 ) معـلم تاريــخي فيها حتى الآن. و لـذا سـجـلت اليونسـكـو مـدينـة طاشــقند في قائمـة الـــتـراث الـعـالـمـي
ودلالة على مسارها التاريخي الطويل استيطان المزارعون الأوائل في واحة طاشـقند قبل 3000 سنة تقريبا. وحسـب ما تشير اليها الحفريات الأثرية ودراسات علماء الآثار ظهورالمستوطنات الزراعية والمدن القديمة التي نشأت على أراضيها في الألفية الأولى قبل الميلاد ، مثل مستوطنة ” شـاشــتيبا ” التي ظهرت قبل2500عـام بالقرب من القنـاة النهرية ” جـون ” بطاشـقند الحاليـة
وتشهد على العراقة التاريخية لطاشقند أطلال مدينــة ” مينغ أوريك ” الواقعة على القناة النهرية ” سـالار” والتي شـيدت الحصـون للمدينـة في الفتـرة مـابين نهـاية القرن الاول قبل الميلاد ومطلـع القــرن الأول للميـــلاد
وكانت واحة طاشقند نواة دولة كانغوي التي كانت عاصمتها كانكا وتوجد أطلالها في وادي آخنغران على بعد 70 كم من طاشقند الحديثة ، وورد ذكرها في السجلات التاريخية الصينية تحت اسـم ” يوني” و ” شي
– وفي القرن الثالث للميلاد أصـبحت الشاش/ طاشقند عاصمـة لدولة ” تشـاتشـاناب ” أي شعب أو بلاد الشـاش. وفي القرن الخامس للميلاد سقطت تشاتشاناب في أيدي الأفتاليتيين الذين أقاموا دولة عظيمة في آسيا الوسطى. وفي القرن السادس حلت محلها الخاقانية التركية
وفي الفترة من القرن (7-8) م بلغت الشاش أوجها في الازدهار وتطورت المدينة كثيرا وبني حولها سور حصين وشيدت بالقرب منه قلعة عالية للحكام. وتؤكد الدراسات بأن الشاش كانت ضمن الأراضي التي شملتها الثقافة الصغدية التي كانت تعتبرالأكثر تطورا للانجازات الثقافيـة في آسيا الوسطى قبل قدوم العرب اليها
ومنذ القـرن( 9 – 11 ) م شهدت نهضة عربية اسلامية واسعة في مناطق آسيا الوسطى بما فيها الشاش/ طاشقند. وساعدت التقاليد الاسلامية مع التراث الثقافي الغني لشعوب تلك المنطقة على تكوين ثقافة اسـلامية متميزة انعكسـت آثارها في الحياة الاجتماعية والثقافية وتركت بصماتها على تطور العـلوم والتعليـم والثقافة
وفي مطلع القرن (14) م عهد الأمير تيمور والتيموريين كان عهد ازدهار للثقافة والعمارة
الاسـلامية بكافة أشكالها ومظـاهرها شـمـلت معظم مناطق آسـيا الوسـطى ومن ضمنها الشاش. واستعادت شهرتها كمركز للثقافة والعلوم-
وفي 26 أبريل1966م تعرضت طاشقند لأســوأ زلـزال أدى الى تدميـر العـديد من المباني و المعــالم الاســلامية فيـها

: طاشــــقند الحـديثة
خـلال (18)عاما من عهد الاستقلال شهدت العاصـمة الأوزبكيــة طاشقند تغييرات سياسية واقتصادية جذرية تحت رعاية رئيس الحكومة اسلام كريموف ، وتحققت فيها انجازات رائعة لم يتحقق مثلها في المراحل الماضية في المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، وأنشئت فيها العديد من المشاريع التنموية ، وشيدت المباني الحديثة والجامعات والمساجد ، وجرى ترميم و صيانة المعالم التاريخية والأثرية. وافتتحت الفنـادق العالميــة والمصـارف وتم توسـعة الشــوارع والطـــــرق واقامة الجسور – حتى تطورت العاصمة وتغــير مظـهرها وازداد وجههــا جمـــالا لتجذب زوارها بمناظرها الخلابة
و في خــلال الســنوات الأخيــرة انتعش الاقتصاد الوطني حيث تم جـذب الاسـتثمارات للعاصمة الأوزبكية بحـوالي (1,3) مليـار دولارأمريكي في القطاع الخاص. وفي العام الماضي تم تصدير المنتجات بمقدار(2,6) مليار دولارأمريكي. وتنتج العاصمة مايقارب 30 % من مجمل ما تنتجها الجمهورية من سلع صناعية
وتوجد في العاصمة (300) مؤسـسـة ضخمة تعمل في (14) قطاع صناعي ، و (1400) مؤسسة ذو شراكة مع شركات من (80) دولة. وفي عام 2007م تـم تشــغيل (28) مصـنعا حديثـا
وبعد الاستقلال فتحت في العاصمة (15) مؤسسة تعليمية عليا مرموقة جديدة مثل جامعة الاقتصاد العالمي والدبلوماسية و جامعة تكنولوجيا المعلومات وجامعة طاشقند الإسلامية وغيرها. وكما يوجد فيها عديد من فروع الجامعات الأجنبية مثل جامعة وستمنستر الدولية وجامعة موسكو الحكومية باسم م. لومونوسوف ومعهد سنغافورة للتنمية الإدارية وغيرها
و توجد أكاديمية العلوم بطاشقند وتضم (40) دائرة للأبحاث العلمية ، ويبلغ عدد المؤسسات التعليمية العليا فيها (30) مؤسسة تعليمية و(30) أكاديمية و(51) معهد مهني و (300) مدرسة
ويتلقـى العـلم في طاشقند آلاف الطلبة الأوزبك وكذلك عـدد كبيـر من الطلبـة ينتمـون لأكـثر من (40) دولـة

: معالم طاشقند

مجمــوعـة ” حضــرة الامــام” أو” حسـت امام ” بالأوزبكية ، وتعتبرمن أهم المعـالم الاسلامية الأثرية والتي أعيدت بناؤها وترميمها عام2007م على الطرازالمعماري الاسلامي. وتتكون من : ” مسـجد حضـرة الامام ” بمئذنتين يبلغ ارتفاع المئذنة (52) م و ” ضريح الامام القفال الشاشي” الذي لقب بحضرة الامـام , وكذلك “مدرسـة بـراق خان” وكانت تعــرف باســم كـوك قمبـاز” أي القـبة الخضـراء , و” مسـجد نمازغاه” الذي أعيد اعماره وأقيم فيه معهد الامـام البخـاري. وكما تضــم المجمــوعة ” مدرســــة مـوي مبـــارك” والتي تحتفظ في مكتبتها مصـحف الخليفـة عثمان بن عفان رضي الله عنه المخطوط عام 634-644 م ، و ” مســــجد تـلا شـــيخ” وبه ضريح الشيخ الذي امتاز بثرائه وعدله ومساعدته للفقراء والأيتام واحترامه للعلوم والمعارف. ومن ضمن المجمع ” مبنى الادارة الدينية لمسـلمي أوزبكستان”. وتحتوي مكتبتهاعلى (20,000) كتاب و(3,000) منها من المخطوطـات القديمـة النـادرة

مجمع "حضرت إمام"

-ومن المعــالم الحديـثـة ” ميـدان الاسـتقلال” وهو الميدان الرئيسي للمدينة ويعد من أجمل وأحب الأماكن للأوزبك ، وزين ساحتها بالنوافيـرالمائيـة الجميلة وأنشئ فيه النصب التذكاري للاســتقلال والانسـانيـة. مثل نصب ” الكرة الأرضية” وتبدو فيها خريطة أوزبكستان وتمثال “الأم السعيدة” وهي تحمل طفلها دلالة على ميلاد دولة جديدة ونصب ” الأم الحزينة” على فقيدها ويرمز احتراما لضحاياهم
-متحـف” الأميـر تيمــور” يحتوي عن تاريخ دولة التيمـوريين وتراثـهم
– ” معهد الاسـتشـراق الذي يحمل اسم أبو ريحان البيروني التابع لأكاديمية العلوم وفـيه مكتبــة تعـد من أثـرى خـزائـن المخطــوطات في العـالم وهي مدرجة في قائمة اليونسكو للأشياء النادرة. ويحتفظ فيها (25,000) مخطوطة و(67,000) من الكتب القديمة
متحـف تاريـخ شــعوب أوزبكســتان ” أحـد أقــدم المتاحـف في آســيا الوســطى و المتحف الحكومي للآداب و في خزانة المتحف (17,000) من المخطوطات والكتب و المـواد الوثائقـية المتعلقـة بشـعراء وكتاب الأوزبك
مدرســة كـوكـالـداش ” وتعــد من أهـــم الآثـارالمعمــارية الاسـلامية
مترو طاشـقند احدى المنشآت الجميلة النادرة و المترو الأنفاق الوحيد في آسـيا الوسطى
بــرج التـلفــزيون” ويصـل ارتفــاعـه الى 375م . ومن خـلالـه يمكنك مشــاهدة المدينـة مع تناول وجبة شهية في مطعم البرج

برج طاشكند في الشتاء
:الانسجام في الماضي والحاضر
أخذت أوزبكستان تخطو خطوات سريعة لاستعادة مجدها واللحاق بركاب الدول المتقدمة والاستفادة من خبراتها ، و اهتمامها بدراسـة التراث الاسـلامي واحيـاء مـيراث أجـدادهم المبـدعين الذين كتبت أســـمـاؤهـم بحـــروف ذهـــبية في صــــفحات التــــاريـخ وفي صــفحات الحضـارة الاسلامية و العالمــية
حتى أصبحت عاصمتها مركزا علميا وثقافيا وصناعيا هاما و رمــزا للســلام والصـــداقة بين الشــعوب . وانســجاما لهذا الحدث تســتعد العاصمة الأوزبكية طاشـــقند للاحـتـفال بالذكـرى الســـنوية بمــرور(2200) عــام لانشـــائها ولدورهـا التـاريخـي في الحضارة الاسلامية و العالمية ولكونها واحـدة من أفضــل عواصــم العــالم بثقـافتـها الفــريدة النــادرة
واننـــا مـتفـــائلـــون بأن تعــود الحضــارة الاســلامية للازدهــار مــرة أخــرى في تلك الديار

4 تعليقات leave one →
  1. أكتوبر 29, 2009 5:25 مساءً

    حمستني اروح هناك يوم من الايام =)

    • bukhariyon permalink*
      أكتوبر 29, 2009 6:20 مساءً

      هيا شد حيلك نروح سوا.

  2. عبدالعزيز عزيز permalink*
    مارس 18, 2012 2:12 مساءً

    شكراً لك أخي على الرابط الجميل، و على تعريفنا على مدونتك الرائعة.

Trackbacks

  1. طاشكند التي عشقت ( الجزء الثاني) « تواصل

أضف تعليق